“مريم نوفل” قصة إرادة سورية تتألق في فرنسا!!

الراصد – علي الحسين
حققت مريم نوفل، البالغة من العمر 17 عامًا، ابنة قرية الهيات في محافظة السويداء، إنجازًا لافتًا بحصولها على المرتبة الأولى في شهادة البكالوريا بمدرسة “شالون” الثانوية في مدينة مارن الفرنسية. هذا التفوق أهلها للفوز بمنحة دراسية للسنة التحضيرية في كلية الطب، لتبدأ مسيرتها نحو التخصص الذي تحلم به منذ الطفولة: تقويم الأسنان.
وصلت مريم إلى فرنسا قبل عامين ونصف، في منتصف العام الدراسي للصف العاشر. ورغم أنها لم تكن تتحدث اللغة الفرنسية عند وصولها، أبهرت لجان التقييم حين خضعت لاختبار لغوي باللغة الإنجليزية، وأحرزت العلامة الكاملة. تقول مريم في حديثها للراصد:
“شعرت أن هويتي مرتبطة بلغتي. إذا لم تستطع التعبير عن نفسك، فكأنك غير موجود.”
بحسب الأنظمة التعليمية، كان يُفترض أن تعيد الصف العاشر، إلا أن المدرسة استثنتها من ذلك بعد أن تصدرت نتائج الفصل الثاني باللغة الإنجليزية.
لم تكن اللغة الفرنسية عائقًا أمام مريم، بل حافزًا دفعها لتعلمها ذاتيًا خلال عطلة الصيف فقط، كما أوضح والدها الدكتور عمران نوفل، الصيدلاني المقيم في فرنسا. تقول مريم إنها اعتمدت على مقاطع تعليمية على يوتيوب، واستماع للأغاني الفرنسية، ومحادثة الناس عبر الدردشة، بل وجلست مع مواطنين فرنسيين في الحدائق العامة لتندمج في اللغة اليومية. وتعلق:
“أهم شيء لتعلم أي لغة هو الاحتكاك المباشر مع الناطقين بها. الفرنسية مليئة بتعابير وقواعد لا تُفهم إلا بالممارسة.”
وعندما عادت إلى المدرسة، كانت تتحدث الفرنسية بطلاقة مذهلة، لدرجة أدهشت معلميها.
لم يتوقف تميز مريم عند اللغة، ففي الصف الحادي عشر حافظت على المركز الأول، رغم صعوبة المواد العلمية، وواصلت تفوقها في مرحلة البكالوريا، مسجلة أعلى علامة في المحادثة باللغة الفرنسية على مستوى صفها.
وقدّمت مريم مشروعين علميين نالَا إعجاب إدارتها التعليمية، الأول في العلوم الطبيعية تناول إمكانية التحكم بالجينات لإطالة عمر الإنسان، والثاني في الفيزياء اقترح استخدام قوى مغناطيسية للحد من حوادث السير. كما شاركت في ورشة بحثية بمجال الرياضيات بجامعة رانس، استمرت 15 يومًا، إلى جانب نخبة من الطلبة والباحثين.
وعن سبب اختيارها تخصص طب الأسنان، تقول مريم:
“هو حلمي منذ الصغر، لأنه مجال يجمع بين المعرفة العلمية والعمل اليدوي.”
ولم يقتصر تميزها على الدراسة فقط، إذ تملك مريم موهبتين في الرسم والرياضة. يشير والدها إلى أنها بدأت الرسم في سن الرابعة، وشاركت في معارض مدرسية حين كانت العائلة تقيم في السعودية. كما أنها حصلت على الحزام الأسود في التايكواندو، بعد تدريبات خاضتها مع والدها، الذي يمارس الكاراتيه كمحترف.
تختم مريم حديثها للراصد بتواضع ملحوظ:
“اللغة لم تكن عائقًا. إذا وُجد الحافز، ستجد ألف طريقة لتحقيق أحلامك.”