تقارير

نقابة المهندسين في السويداء: ضغوط تطالب بالانتخاب والمركزية ترفض وتلوّح بالتعيين.

الراصد: غيداء الصفدي – علي الحسين

في تطور جديد تشهده الساحة النقابية في محافظة السويداء، يتواصل الجدل حول مصير مجلس فرع نقابة المهندسين، بعد أن قدم أعضاؤه استقالتهم للمرة الثالثة دون حسم رسمي، وسط تصاعد الضغوط من القواعد المهنية المطالبة بانتخابات شاملة تنهي نهج التعيين وتفتح المجال لتمثيل فعلي.

استقالة معلقة للمرة الثالثة

قدم مجلس فرع نقابة المهندسين في السويداء كتاب استقالته الجماعي بتاريخ 22 حزيران، في خطوة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن تم تجاهل أو رفض الاستقالة بشكل غير رسمي في مناسبتين سابقتين. هذا يثير تساؤلات حول نوايا النقابة المركزية في معالجة الملف.

وترتبط الاستقالة الأخيرة بما وصفه المهندسون بالضغوط المتزايدة من داخل الفرع، حيث ارتفعت الأصوات المطالبة بانتخابات شفافة بعد تقديم عريضة رسمية في هذا الشأن، في رفض واضح لاستمرار التعيينات بقرارات فوقية.

استبيان يعكس مزاج القواعد

أطلق عدد من المهندسين مبادرة لاستطلاع الرأي عبر استبيان داخلي وُجه لزملائهم في الفرع. النتائج كانت واضحة، إذ أيد 91.6 بالمئة من المشاركين إجراء انتخابات شاملة بدلاً من التعيينات، معتبرين أنها خطوة ضرورية لإنتاج هيئة نقابية تمثل التطلعات وتحمي الحقوق.

غالبية المشاركين في الاستبيان أكدوا ضرورة الانتقال من التعيين إلى التمثيل، بوصفه مدخلاً لعمل نقابي حقيقي ينهض من القاعدة ويستند إلى المشاركة.

النقابة المركزية: لا انتخابات حالياً والتعيين وارد

رغم الدعوات المحلية المتصاعدة، لا تظهر مؤشرات على نية النقابة المركزية اعتماد خيار الانتخابات في الوقت الراهن. مصدر نقابي أكد لموقع الراصد أنه تم استدعاء نقيب فرع السويداء وأمين السر إلى دمشق، حيث تم إبلاغهما أن الانتخابات غير ممكنة حالياً بسبب ما وُصف بالظروف التشريعية وضرورة انتظار تشكيل مجلس الشعب الجديد.

في حال قبول الاستقالة رسمياً، يُرجّح أن تلجأ النقابة إلى تعيين مجلس بديل دون المرور بعملية انتخابية، كما حصل في عدد من الفروع الأخرى، مما يعزز الشكوك حول فرص التغيير.

جربوع: الحل المالي تحقق ولا جدوى من الانتخابات حالياً

قال النقيب السابق نجيب جربوع في تصريح للراصد إن الأزمة المالية التي كانت أحد أسباب التوتر شهدت انفراجة مؤقتة، بعد أن حولت النقابة المركزية مبلغ 150 مليون ليرة سورية لتغطية جزء من رواتب المتقاعدين، إضافة إلى تحريك حساب مجمع المهندسين وتجديد عقود الإيجار فيه.

رغم ذلك، اعتبر جربوع أن طرح ملف الانتخابات حالياً ليس مجدياً، مشيراً إلى أن الظرف العام لا يساعد على اتخاذ مثل هذه الخطوة التي قد تُقابل بالرفض.

تساؤلات حول جدوى الصبر وإمكانات التغيير

على الرغم من التحسن المالي، لا تزال النقاشات مشتعلة داخل النقابة. بعض المهندسين يرون أن الإصرار على التعيين يعيد إنتاج الذهنية التقليدية التي حكمت العمل النقابي لعقود، حتى وإن تغيرت الشعارات.

في أروقة النقابة، يُعبَّر عن قلق من أن يكون الحديث عن عراقيل إجرائية مجرد غطاء لرفض أي انتقال نحو تمثيل حقيقي. ويذهب البعض إلى اعتبار أن المركزية تتخوف من نتائج غير مضمونة، حتى إن كانت لصالح شخصيات مقربة من المنظومة القديمة.

التقي: المشكلة في التدخل وليس في القوانين

بدوره، أكد المهندس فادي التقي أن المشكلة لا تكمن في النصوص القانونية بل في التدخل المستمر من المركزية في عمل الفروع. وقال إن المرسوم رقم 80 لعام 2010 يمنح الفروع استقلالاً إدارياً ومالياً كاملاً، بما في ذلك صلاحية إجراء الانتخابات، فيما يقتصر دور المركزية على الإشراف.

وشدد التقي على أن المطالب لا تستهدف تغيير النظام القانوني، بل تفعيل مواده، ومنع تعطيله بذريعة الظروف. وأكد أن أي تعديل قانوني يجب أن يتم من خلال المؤتمر العام، لا عبر قرارات فردية.

بين تطلعات المهندسين وتمسك المركزية

يبقى مستقبل العمل النقابي في السويداء معلَّقاً بين طموحات المهندسين إلى نقابة تمثلهم فعلياً، وتمسك النقابة المركزية بموقع التحكم. فالصراع القائم اليوم لا يقتصر على خيار التعيين أو الانتخاب، بل يعكس مفترق طرق حقيقي بين الاستمرار في إدارة التوازنات التقليدية، أو الانفتاح على شراكة نقابية جديدة تُبنى من القاعدة وتُحاسَب في العلن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى