انتهاكات
أخر الأخبار

مختار المتونة المفقود: آخر الأصوات التي طمأنت الأهالي واختفت.

الراصد – غيداء الصفدي

منذ الأيام الأولى للهجوم على قرية المتونة في الريف الشمالي للسويداء، غاب المختار “ناصر فرحان عامر”، تاركاً خلفه أسرة مشتتة وقلوباً معلّقة ببارقة أملٍ لم تأتِ بعد.

عامر، المولود عام 1977، ينتمي لعائلة عُرفت بارتباطها الوثيق بأرضها وأهلها. درس التاريخ وتخرّج من الجامعة قبل أن يسافر لسنوات طويلة إلى فنزويلا، حيث استقرّ مع زوجته وابنه الوحيد. لكنّ الحنين إلى الوطن دفعه إلى العودة عام 2019، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته في قريته المتونة، حيث بنى مزرعة لتربية الدجاج، واشتغل فيها عدد من أبناء القرية حتى يوم الاجتياح. وتولّى مسؤولية المخترة و وكالة الخبز “المعتمد الرسمي”، ما جعله على تماس يومي مع الأهالي، ومع الوقت أصبح شخصية محبوبة تحظى بثقة الجميع.

مع بداية الأحداث الأخيرة، نزحت نساء القرية وأطفالها وكبار السن، وبقي فيها عدد قليل من الرجال، بينهم ناصر. وبحسب ابن أخيه فيصل في شهادته لـ #الراصد، فإن عمه رفض مغادرة البلدة، مع صديقه حسين عامر، معتقدَين أن ما يحدث لن يستمر أكثر من أيام قليلة.

وكان آخر اتصال بين ناصر وعائلته في اليوم الثالث من الهجوم. حيث اتصل بوالد فيصل، وطمأنه أنه بخير، وأنّ البيوت أُحرقت، لكنه رغم كل ما كان يشاهده من اللجاة – حيث لجأ مع صديقه حسين – حاول أن يبقي صوته ثابتاً، وألا يترك القلق يتسلّل إلى عائلته. وقال في النهاية إن (بطارية) هاتفه توشك على النفاد، وأنه لا يريد لأحد أن ينشغل عليه إذا انقطع الاتصال، ومنذ تلك اللحظة، انقطعت كل الأخبار.

لاحقاً، وصل إلى العائلة ما نقله سجناء تم الإفراج عنهم، أن حسين كان قد عاد إلى منزله في القرية ليجلب ماء عندما تم اعتقاله هناك، وبعد دقائق سمع صوت إطلاق نار، ومنذ ذلك الوقت لا يعرف شيئاً عمّا جرى للمختار ناصر. ويظلّ هذا الكلام غير مؤكد، لكنه الإشارة الوحيدة المتوفرة حتى اللحظة.

اليوم، ينتظر أهله وزوجته وابنه البعيد في فنزويلا، كما ينتظر أبناء قريته، خبراً واحداً ينهي هذا الغياب الطويل ويعيد لهم جزءاً من الطمأنينة المفقودة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى