أم حارتين، قرية وادعة حولها شر الغزاة إلى خراب.

الراصد- رغد حاطوم
في الريف الشمالي للسويداء، وعلى طرف أوتوستراد دمشق السويداء، تقع أم حارتين؛ تلك القرية الصغيرة التي يعيش أهلها على ما تمنحه لهم الأرض.
كان فيها نحو 168 عائلة بداية عام 2025، حوالي 600 نسمة، يعرفون بعضهم بالاسم والوجه وصوت الخطوة. لكن في منتصف تموز الماضي، تبدّل كل شيء. رحل السكان على عجل، حوصرت البيوت من قبل قوات الأمن العام والجيش التابع للحكومة المؤقتة، والعشائر. وبالنتيجة؛ لم يبقَ بيتاً واحداً من بيوتها الـ140 بلا أثر ليدٍ اقتحمت وسرقت ثم أحرقت. لم تُستثنَ نافذة، ولا قطعة أثاث، ولا خزان ماء. كان الأهالي قد رحلوا مرغمين تحت وطأة الخوف، فصار الفراغ وحده شاهداً على ما جرى.

جميع محلات القرية القليلة—البقاليات الثماني، محلات الألبسة، مستودع الغاز الذي احتفظ بأكثر من مئة أسطوانة، محلاً لقطع السيارات، وحتى محل الكومجي الصغير عند الطريق‐ فُتحت في غياب أصحابها، وأُفرغت، ثم أُحرقت.
لم يكن هناك ما يستدعي كل هذا العنف .. مجرد أرزاق صغيرة تعيش عليها عائلات بالكاد تستطيع العيش.
أحد أبناء القرية تحدث عن وجعٍ آخر لا يظهر في الصور خلال حديثه مع #الراصد:
“لم يبقوا شيئاً للذكرى سوى رمادهم الأسود، أحرقوا المدرسة الابتدائية، وفجروا بئر الشرب، والبئر الزراعي عُطب بالكامل. حتى الحديقة العامة، تلك التي أعاد الأهالي زرعها شجرة شجرة بعد سقوط النظام السابق، نُهبت ألعابها واختفى ظلّها”.
لم يسلم حتى المكان الذي تُقام فيه صلاة الجنازة. حيث يظهر مقطع فيديو متداول قذيفة تُطلق عليه بينما كان خالياً تماماً.
أما الأرض، التي لا تعرف السياسة ولا الخصومات، فقد دفعت ثمنها هي الأخرى. حيث تساقطت ثمار الزيتون واللوز والعنب عطشاً بعدما رحل أصحابها. وسُرق قطيع كبير من الأبقار والغنم —أكثر من 700 رأس— ونُقل في الشاحنات.
هكذا أصبحت #أم_حارتين؛ قرية بلا أصوات، بلا محاصيل، وبلا ذكريات في بيوتٍ قائمة شكلاً، مطفأة روحاً.
ومع ذلك ما يزال أهلها يؤمنون أن العودة ممكنة، وأن الأرض التي تعرف أسماءهم لن تنساهم مهما طال الغياب.



