تقارير

“منظمة جذور” فن، ثقافة، دعم مشاريع، ماذا تعرف عنها؟!

كانت السويداء في الفترة التي سبقت سيطرة البعث في سوريا، بيئة خصبة للفكر والعمل المدني، حيث تأسس بها فرق تطوعية وصالونات أدبية، وجمعيات ثقافية، انتهجت العمل المدني في مختلف مجالات الحياة.

ومع منتصف السبعينيات من القرن الماضي بدأ العمل بشكل ممنهج على تغييب ثقافة المجتمع المدني في  سوريا عموماً، وفي السويداء خصوصاً، حيث سعى البعث بعد انقلاب السادس عشر من تشرين الثاني عام ١٩٧٠، الذي قاده الحزب بالسيطرة على مفاصل القرار وتغوله على كافة المؤسسات الحكومية والمدنية، ليطغى الركود على النشاط المدني العلني في البلاد لأكثر من 30 عاماً.

ومنذ بداية عام 2012 عادت منظمات المجتمع المدني بالظهور.

منظمة “جذور سوريا” التي تأسست عام 2014 كانت إحدى المنظمات التي شكلت بصمة في محافظة السويداء، إلى جانب عدد من منظمات العمل المدني الأخرى، وبدأت نشاطاتها من خلال دعم العمل الأدبي والثقافي بإنشاء منتدى جذور الثقافي، وتشكيل كورال جذور سوريا الموسيقي، ثم تطور العمل ليطال المجال البيئي بإطلاق حملات تشجير تضمنت زراعة 7000 شجرة حتى عام 2018، وحاولت المساهمة بتعزيز الأعياد الإنسانية كيوم الأمن الغذائي العالمي، ويوم السلام العالمي، ويوم المرأة، والطفل، من خلال نشاطات في الشارع للدلالة على هذه المناسبات.

يقول شاهر حرب المتابع لعمل المنظمة ونشاطاتها ومبادراتها للراصد إن عودة انبثاق منظمات مدنية كجذور التي تحمل هم إحياء الطابع المدني في المحافظة، أمر بالغ الأهمية، فإنه لمشقة كبرى في وقتنا الحاضر وفي ظل ظروف الحرب وما تبعها من إرهاصات، بناء كيانات تسعى لتغيير الوضع وتحاول نشر السلام والمحبة إن كان من خلال إنشاء صالونات وفرق أدبية، أو من خلال الندوات الثقافية والتوعوية، وخاصة ما يستهدف منها الشباب والأطفال، الفئتان العمريتان الأهم من الجنسين، على اعتبار أنهما جيل المستقبل الذي لايجب أن يعيش الظروف التي عشناها من تهميش وتقييد للحرية.

قامت المنظمة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و 2023، بتنفيذ مشاريع ومبادرات تهدف لتعزيز دور المرأة والشباب والأطفال من خلال تدريبات تمكين بمختلف السياقات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، كمشروع “بصمة أمل” للتمكين الاقتصادي للمرأة، وحملة لإعادة الأطفال المتسربين لمدارسهم،  ونشر الوعي المناهض لخطاب الكراهية والعنف وظاهرتا انتشار المخدرات والسلاح العشوائي، وتعزيز ثقافة الحوار.

أم أحمد (طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية) إحدى السيدات المستفيدات من مبادرات التمكين الاقتصادي التي قدمتها منظمة جذور سوريا، قالت في لقاء مع الراصد؛ “لا أنكر أن وضع العمل هذه الأيام توقف نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي للناس، لكني عملت لفترة لا بأس بها، واستطعت الوصول بعملي لمراحل جيدة، بعد خضوعي لجلسات التمكين الاقتصادي في منظمة جذور، التي أسهمت بدعمنا نفسياً ومعنوياً وعينياً”.


تحديات عديدة أبرزها التحديات الأمنية، استطاعت أكثر من مرة الفرض على جذور إيقاف عملها لفترات وجيزة، كانت المنظمة تعود كل مرة لمزاولة نشاطاتها مجدداً.

وعن مشاريعها المرتقبة، قال المدير التنفيذي لجذور “خالد سلوم” للراصد، إن المنظمة تسعى خلال خطتها القادمة إلى إقامة تدريبات وجلسات توعية ، تهدف لحماية الأطفال واليافعين والشباب من خطر المخدرات و  خلق مساحة آمنة لضمان وقايتهم من هذه الآفة.

“جذور” واحدة من المنظمات التي عملت وكان لها حضورها في المحافظة ومع ذلك ظل الجدل قائماً حول ما إذا كانت منظمات المجتمع المدني تمثل المجتمع المدني فعلاً، ولكن الواضح هو إن البحث عن مناخ ملائم للعمل المدني في ظل الاستبداد الأمني والفصائلي وسطوة العشيرة والدين يعتبر نضالاً بحد ذاته، وإذا صح القول بإن مقياس تقدم الأمم يكون بحضور قواها المدنية فإن الجميع مدعو لدعم المجتمع المدني المستقل من أجل مستقبل أفضل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى