رأي

حد السيف!!

تمشي على حد السيف، إن استمرت جرحت قدميها، وإن فقدت توازنها سقطت، تبدو السويداء في واحدة من أصعب مراحلها التاريخية، لا الدفع باتجاه الاستمرار في الشارع ينفع، ولا طلب الإنسحاب ينفع، ويبدو أن “المكتوب ما منو مهروب”، وبينما يسلك النظام سلوك الميليشيا، فمن البديهي أن يفرح في بنية الفوضى، فالفوضى بيئة خصبة للميليشيات.

الواقع كما هو عليه يرضي النظام، السويداء متمردة، يرتاح من خدمتها وتبقى “لا معلقة ولا مطلقة” أو تذهب باتجاه تكون باكورة سورية مقسمة، وهو ما لا ينبغي النفاذ إليه، لأنه كذلك علاوة على أنه تضحية بسوريا، فهو كذلك منح النظام دمشق وحلب بالمجان، وبالتالي المطلوب الآن إما حل لسوريا، أو لا نريد حلول، لأن السوريبن خرجوا من أجل تغيير النظام في سوريا وليس تغيير سوريا..

قد أقول كلاماً هنا لا يلقى قبول كثر، ولكنه في الوقت ذاته هو تصور ناتج عن التجربة، تكمن مشكلة الحراكات في السويداء أن من فيها يتعاملون مع فكرة أنهم مأزومين اقتصادياً على أنها عيباً، ويصبون جل اهتمامهم على إقناع السوريين الآخريين أن المسألة غير مرتبطة بالجوع، ما الخطأ في هذا؟! الخطأ فيه أنه اختصار لمشهد كامل لا يمكن اختصاره، فالإنطلاق من هم الناس هو ما يجعلها تتكاتف معك، والابتعاد عن همومهم يوقعهم بحيرة، ويبعدهم عنك، والشارع جائع فعلاً.

بالرغم من ذلك ثمة فارق هذه المرة وهو بوعي إن الأزمتين السياسية والاقتصادية مترابطتين ولا يمكن معالجة إحداهما بمعزل عن الأخرى، فيتساوى هنا مطلب تحسين الواقع المعيشي مع مطلب إسقاط النظام، فالنظام ليس لديه النية في تغيير ذهنيته الإقتصادية وبالتالي لن يستجيب لأي مطلب اقتصادي، وبالتالي تحسين الواقع المعيشي بالنسبة له طلب لا يمكن تلبيته، وكذلك إسقاطه، فتخيل أننا نتحدث عن نظام بالنسبة له المطالبة بخفض سعر المحروقات لا يختلف كثيراً عن طلب إسقاطه فهو ناهيك عن عدم وجود النية، لطالما جاهر بأنه لا يقدم تنازلات بناء على الضغوط..

لذلك من حيث المبدأ الكثير من الشعارات قد تؤدي إلى تراجع كثر كان ممكن أن ينضموا للحراك، بالوقت ذاته أصبحت العودة للمطالب الإقتصادية أمراً معقداً ، حتى في سياسة الراصد الإعلامية اعتمدنا في اليومين الأوليين على الحديث عن الاحتجاج على الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي أقرتها الحكومة، ولكن مع تغيير المطالب قمنا بحذف العبارة لنكون صادقين مع أنفسنا، سيما أن المحتجين كانوا يراسلونا ويؤكدون على استمرارهم فحاولنا أن نكون صادقين قدر الإمكان، وبذلك نصبح نحن في الإعلام أيضاً مثل السويداء نمشي على حد السيف، فليس دائماً نقل الخبر أمر سهل، ولكنه يبقى الخبر الذي علينا نقله لا صناعته…

ولهذا نبقى نحن والسويداء والمحتجون نمشي على حد السيف جميع الخطوات تجرحنا….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى